الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات قصة اختطاف طفلة لمدة ‬3096 يوماً

نشر في  28 فيفري 2018  (11:29)

في يوم ‬2 مارس من عام ‬1998 اختطف غريب الطفلة ناتاشا كامبوش، ابنة العاشرة آنذاك، واقتادها في شاحنته الصغيرة البيضاء لتجد نفسها بعد عدة ساعات في أحد الأقبية المظلمة. وبعد أن خرجت من ذلك القبو بعد ثماني سنوات، كانت قد «ودّعت» الطفولة، كما تقول، وهي تروي قصتها كرهينة في هذا الكتاب الذي يحمل عنوان: «‬3096 يوماً»، أي ما يعادل الفترة التي أمضتها سجينة لم تر فيها سوى خاطفها «وولفانغ بريكلوبيل»، الذي انتحر يوم هروبها بإلقاء نفسه أمام أحد القطارات.

إن ناتاشا تروي في هذا الكتاب قصتها للمرة الأولى بكل تفاصيلها، وهي تحكي عن طفولتها الصعبة وعما جرى بالتحديد يوم خطفها، وعن ظروف حبسها في قبو لا تزيد مساحته على خمسة أمتار مربّعة، كما تتحدث عن أشكال الأذى الجسدي والنفسي الذي تركه خاطفها في حياتها، وهي تصف كيف تعلّمت شيئاً فشيئاً ألا تنهار في وضع من البؤس كان يبدو دون أي مخرج تقريباً.

ومن أكثر الأحداث «قسوة» مما تذكره ناتاشا كامبوش هو أنها كانت تتعرّض للضرب حتى ‬200 مرة أسبوعياً إلى درجة أنها كانت «تسمع طقطقات عمودها الفقري»، وكان خاطفها يكبّلها بالقيود عند نومها إلى جانبه، وكان يجبرها على أن تتصرف كـ«عبدة» لديه. هذا فضلاً عن محاولات الانتحار العديدة التي قامت بها. «لقد أردت دائماً امتلاك عبد»، كان يردد.وتقول الكاتبة في وصف القبو الذي عاشت فيه، إنه كان من الاسمنت المسلح ولم يكن يحتوي على أية نافذة، وكان كل أساسه سرير «مثل الذي يستخدمونه في معسكرات الكشافة»، ومغسلة ومرحاض. وتحكي أنها طلبت من خاطفها السماح لها بـ«الاستحمام» في الطابق الأعلى، حيث كان القبو تحته. تقول: «لقد أمرني باتباعه، وعندها اكتشفت أن الباب المؤدي إلى الطابق الأعلى كان من الاسمنت المسلح»، وتضيف: «من الصعب عليّ أن أعبر بالكلمات عن مشاعري عندما رأيت ذلك الباب».

وتؤكد ناتاشا أن خاطفها مارس عليها شتى أشكال الضغط النفسي التي لم يكن أقلها محاولته أن يلغي هويتها». وكان يردد على مسامعها باستمرار: «إنك لم تعودي ناتاشا، الآن أنت ملك لي». وقد أرغمها على اختيار اسم جديد ووضع في «زنزانتها» تسجيلاً صوتياً يردد بلا انقطاع: «عليك الطاعة، عليك الطاعة، عليك الطاعة». وكان يحرص على تركها باستمرار «جائعة» و«شبه عارية» كي لا تفكّر بالهرب. في مثل ذلك الجو قامت بعدة محاولات للانتحار وهي لم تكن قد بلغت السادسة عشرة من العمر.

وعن علاقتها مع خاطفها تقول «ناتاشا كامبوش» إنه أمرها بمناداته «المايسترو» أو «سيدي» والركوع أمامه. وتشير مروراً أن «وولفانغ بريكلوبيل» كان مهندساً عمل سابقاً في شركة «سيمنس»، وكان يقول لها دائماً إن أهلها رفضوا دفع «فدية» لاستردادها وإنهم سعداء «للتخلّص منها».

كانت ناتاشا تدرك، كما تقول، أن خاطفها هو المصدر الوحيد لعلاقاتها الإنسانية. لذلك قررت التصرف بـ«طريقة تبعث الوهم أنها ترى وضعها طبيعياً»، وذلك من أجل بقائها على قيد الحياة وحتى استطاعت الهرب ذات يوم من شهر أغسطس ‬2006 عندما كان خاطفها يدير ظهره وهو ينظّف سيارته.

وتقول ناتاشا عن يوم اختطافها، إنها لم تعد تذكر السبب الذي جعلها تثبت نظرها على تلك «الحافلة البيضاء» التي كانت تقف في مواجهة مدرستها وبقربها رجل ينظر حوله و«كأنه كان ينتظر شيئاً ما». شعرت بالخوف وتذكرت بعض الجمل التي كان يكررها أهلها مثل «لا تتحدثي مع الغرباء» و«لا تصعدي في سيارة غريب». ولم يكن آنذاك بعيداً الوقت الذي أقنعت فيه أمها بتركها تذهب وحيدة إلى المدرسة. كانت تريد أن تثبت أنها «لم تعد طفلة صغيرة».

وفي ذلك اليوم أمسك بها ذلك الأجنبي عندما مرت بجانبه وألقاها عبر باب الحافلة البيضاء المفتوح إلى داخلها. تقول: «هل صرخت؟ لا أعتقد. لقد كنت كلي صرخة احتبست في حنجرتي». وتضيف: «هل دافعت عن نفسي؟ ينبغي أن يكون كذلك ففي صباح اليوم التالي كان السواد يحيط بعيني. ما أتذكره هو إحساسي آنذاك بالشلل والعجز».

وآنذاك تذكرت ناتاشا صوراً كانت قد رأتها على شاشة التلفزيون لدفن فتاة كان عمرها ‬11 سنة قتلها خاطفها عندما حاولت الهرب. وفتاة أخرى كانوا قد وجدوها جثة في إحدى المستنقعات. وكان سؤالها الأول لخاطفها: «هل ستقتلني»؟ وجاءت الإجابة «لا تزالين صغيرة، ولن أفعل ذلك أبداً».

في هذا الكتاب تقول ناتاشا كل شيء، أو «تقريباً كل شيء»، إذ لا شيء عن استغلالها جسدياً من قبل خاطفها الذي تصف قسوته بـ«الوحشية» وفي سن الخامسة عشرة رفضت أن «تركع» أمامه وفي سن السادسة عشرة نحل جسدها إلى ‬38 كيلوغرام، وفي سن السابعة عشرة سمح لها «جلاّدها» بالخروج مع تهديدها بالقتل إذا تحدثت إلى أحد.

 وكالات